جول تكتِك (1): هدف إبراهيموفيتش الأول في مرمى أوسير - أهمية تقدم لاعب الوسط

لا شك أن أجمل ما في كرة القدم هو أهدافها، وأجمل الأهداف تلك التي تخرج بصورة جماعية جميلة أو فكر تكتيكي معين، الأغلب يُصنف الأهداف بأنها تنتج عن براعة هجومية أو خطأ دفاعي، وهو التصنيف الخاطئ بشكل كبير، إذ أن كل هدف في عالم المستديرة هو نتيجة اندماج بين الابداع الهجومي والخطأ الدفاعي ومهما كانت طبيعة الهدف يبقى مُكون من الشقين ولكن بنسب مختلفة من هدف لآخر، حتى الأهداف التي تأتي من أخطاء دفاعية كارثية مثل تمريرة خاطئة من الحارس أو أحد المدافعين لا تخلو من الابداع الهجومي المتمثل في تمركز سليم وتوقع رائع ودقة في انهاء الهجمة داخل المرمى، ونفس الأمر ينطبق على هدف نُفذ بطريقة هجومية ساحرة، لا يمكن أن يخلو من أخطاء دفاعية تتمثل في التمركز الغير سليم وسوء الرقابة والضغط الدفاعي، وفي فقرتنا "جول تكتِك" سنحاول معًا تحليل عدد من الأهداف الأوروبية والتعرف على الشق الهجومي والخطأ الدفاعي في كل هدف.

حلقتنا الأولى نبدأها بأهداف الجولة الأولى من دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا وهدف مهاجم الميلان "زلاتان إبراهيموفيتش" الأول في مرمى أوسير الفرنسي وهو الأول له بالقميص الروسونيري ويُمكنكم مشاهدة الهدف من هنا.

اختيارنا للهدف جاء لتوضيح عنصر مهم كان العامل الأبرز في تسجيل إبرا وهو عنصر افتقده الميلان خلال الموسمين الأخيرين ولهذا تراجع هجوميًا، ألا وهو لاعب الوسط المهاجم القادر على دعم الخط الأمامي وتقديم الإضافة المطلوبة بالكيفية المطلوبة وكان في مباراة الأمس هو الغاني كيفن برينس بواتينج ولنبدأ الشرح بالصور مع ملاحظة أن السهم الأزرق يُمثل تحرك الكرة والأحمر يُمثل تحرك اللاعب .....

نلاحظ هنا بداية الهجمة من بواتينج نفسه بعدما تسلم الكرة من زامبروتا في الجانب الأيمن ومررها لأنتونيني في الجانب الأيسر، وبمجرد استلام الكرة انطلق للأمام ليُشارك في الحالة الهجومية، هنا انتشار هجومي جيد من الميلان ودعم مميز من الخط الخلفي لكن في المقابل أخطاء دفاعية قاتلة من الفريق الفرنسي أبرزها الانكماش كثيرًا للخلف مع عدم الضغط الدفاعي على بواتينج وإن كان العذر هنا قد يكون مقبول بأن الكرة لازالت في نصف ملعب الميلان لكن الخطأ سيتفاقم تدريجيًا.

نتابع هنا الدور المميز لبواتينج بالتقدم لداخل نصف ملعب أوسير قطريًا ليكون اللاعب القادم من الخلف المُربك للدفاع المنافس، وقد مُررت الكرة من أنتونيني لرونالدينهو وبعدها تحرك الأول على الطرف كما سنلحظ في الصورة التالية ليُساهم في خلخلة الدفاع الفرنسي، نلاحظ أيضًا تحرك إبراهيموفيتش وسيدورف لداخل المنطقة لأن الكل ينتظر تمريرة رونالدينهو القادمة، في المقابل الأخطاء الفرنسية كما هي وتتلخص في عدم الضغط الدفاعي على لاعبي الميلان وكما نرى فالمساحات بين اللاعبين كبيرة للغاية.

كما نرى، فقد واصل بواتينج انطلاقته حتى وصل لداخل منطقة الجزاء وسط مساحة فارغة تمامًا من الدفاع الفرنسي وهنا خطأ كبير للغاية يدل على فقدان التركيز، كذلك واصل إبراهيموفيتش الانطلاق لداخل المنطقة انتظارًا للتمريرة العرضية من رونالدينهو وتحرك أنتونيني على الطرف تمامًا لخلخلة الدفاع وانتظر سيدورف الوضع ليبدأ في التحرك .... هنا تحركات ممتازة من هجوم الروسونيري خاصة بواتينج وتحركات دفاعية ساذجة للغاية من جميع لاعبي أوسير.

نهاية الهجمة السعيدة كانت بتمريرة متقنة للغاية من البرازيلي للغاني المتقدم للأمام والذي مررها برأسه للخلف لكي تجد إبراهيموفيتش المنقض عليها كالصقر، نلاحظ تمركز سيدورف الممتاز لأنه توقع أن يُمرر بواتينج الكرة له أو أن تصله بأي شكل آخر وهنا وعي كبير من الهولندي، عاب الدفاع الفرنسي هنا الخطأ في الرقابة والضغط الدفاعي وكذلك البطء الشديد في الاستجابة لتحركات الكرة ولهذا كان بواتينج وإبراهيموفيتش هما الأسرع وتمكنا من لعب الكرة قبل مدافعي أوسير.

النقطة التي اخترت بسببها هدف الميلان هي تحركات الغاني بواتينج لأن ذلك ما كان ينقص الفريق طوال الموسمين الأخيرين، هو دور يقوم به أمبروزيني في العادة ولكنه يقوم به بجودة أقل نظرًا لفارق السرعة والحيوية مع لاعب الوسط الغاني الشاب، يكفي أن نقول أن بواتينج قطع كل تلك المسافة الطويلة في ثانيتين فقط هي المدة بين استلام روني للكرة ثم تمريرها لداخل المنطقة وهو أمر يعجز عن القيام به كل لاعبي وسط الروسونيري لأن بيرلو يمتاز بالبطء فيما جاتوزو لا يجيد الأداء الهجومي وأمبروزيني أبطأ وأقل حيوية وأخيرًا فلاميني لا يعي تلك التحركات التكتيكية المميزة ..... لهذا نعود ونؤكد أن الغاني أحد أبرز صفقات الميلان هذا الصيف.

----------------------------------------------

تقدم لاعب الوسط من الخلف للأمام للمشاركة في الهجمة هو أحد أبرز الأسلحة التي تعتمد عليها الفرق في هجومها خاصة حين تلعب أمام دفاع قوي منظم يعتمد الرقابة اللصيقة على المهاجمين، هذا العنصر المهم نراه في برشلونة بتقدم إنيستا وتشافي ونراه في الإنتر بتقدم شنايدر وموتا ونراه في مانشستر يونايتد بتقدم سكولز وكاريك ونراه في الريال االآن بتقدم أوزيل.

ذلك التدخل أسفر عن أكثر من هدف في الجولة الأولى لدوري الأبطال، منها هدف إيسيان وهدف دانييل ألفيس وهدف شنايدر وأهداف الأرسنال وأهداف أخرى عديدة حسمت المباريات لأصحابها.